حصاد المشهد السياسي الفلسطيني 2019

الديوان | هيئة التحرير
عام 2019 كان عاما مثقلا بالملفات الكبيرة التي مرت في المشهد الفلسطيني؛ المصالحة وصفقة القرن وحل المجلس التشريعي والحديث عن الانتخابات الفلسطينية العامة، ومواصلة تهويد القدس وهدم البيوت الفلسطينية فيها، فضلا عن التوسع الاستيطاني ومواصلة بناء جدار الفصل العنصري، واستمرار الحصار الخانق على قطاع غزة.
ينتقل المشهد الفلسطيني إلى عام 2020 محملا بالعديد من الملفات الساخنة، التي من المتوقع أن تترك آثارها على الواقع الفلسطيني بأبعاده الإقليمية والدولية مع تصاعد الصراع من الاحتلال، وتشكل الفترة الانتقالية في المشهد “الإسرائيلي” وصولا إلى الجولة الانتخابية الثالثة المقررة في مارس القادم اختبارا لتوجهات حكومة الاحتلال تجاه الفلسطينيين، وتحديدا فرص المواجهة والتهدئة مع غزة من جانب، وفرص انفجار الأوضاع في الضفة الغربية من جانب آخر، في ظل تصاعد الانتهاكات والاستيطان وإرهاب مجموعات “تدفيع الثمن”، والمتوقع أن تستمر حالة الجمود السياسي والتذبذب الأمني حتى انتهاء الانتخابات “الإسرائيلية”. أما داخليا فقد رحلت ملفات الانتخابات والمصالحة الأكثر تعقيدا إلى العام الجديد، وظل إنهاء الانقسام شعارا سياسيا دون أفق في تغير جوهري، وسيتواصل استنزاف الموقف الفلسطيني في ظل الأزمات الداخلية.
أبرز الملفات في المشهد السياسي الفلسطيني لعام 2019:
- صفقة القرن: رغم استمرار الانقسام الفلسطيني إلا أن كافة الفصائل الفلسطينية، رفضت بشكل مطلق التعامل مع صفة القرن، ومما ساهم في تقوية الموقف الفلسطيني انسجام موقف السلطة وحركة فتح مع بقية الفصائل في رفضها للصفقة رغم الضغوط التي مورست عليها من أطراف مختلفة.
- حل المجلس التشريعي: ترك حل المجلس التشريعي آثارا سلبية على المشهد السياسي إثر قرار المحكمة الدستورية، ما أحدث فراغا سياسيا إضافيا في المشهد السياسي، على المستوى المحلي والدولي، وقد ترك القرار آثارا سلبية على المشهد في الضفة الغربية وخصوصا قطع رواتب النواب المحسوبين على كتلة الاصلاح والتغيير. فيما أبدى نواب حماس في الضفة مواقفا رافضا للقرار وعدم شرعيته، واعتباره المؤسسة السياسية الفلسطينية الوحيدة التي تحظى بالشرعية الأمر الذي قابله أبو مازن بقطع رواتبهم.
- الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية: بشكل عام كان هناك ترحيب واستشعار بأهمية إجراء الانتخابات لا سيما من قبل حركة حماس، وموافقتها على موضوع النسبية الكاملة وعدم التزامن بين التشريعية والرئاسية، الأمر الذي قوبل بالترحيب من الشارع الفلسطيني وفصائله ونخبه، لكن ورغم الايمان باهمية اجراء الانتخابات إلا أن الشكوك كبيرة حول جدية هذه الدعوة وإلى أي مدى يمكن إنجازها، ويمكن أن تفضي إلى تغير إيجابي في الحالة الفلسطينية بالذات في ظل تعقيدات الواقع الفتحاوي الناجم عن الانقسامات الداخلية “مروان، دحلان وغيرهما”، والانسداد في الافق السياسي وسوء صورة السلطة الناتج عن أدائها الأمني والإداري في الضفة. ويبدو أن دعوة الرئيس عباس لانتخابات عامة من بين أهدافها قطع الطريق على مشروع المصالحة عبر إحباط مبادرة الثمانية واختزاله في الانتخابات التشريعية، وتحميل حماس والاحتلال مسئولية تعطيل الانتخابات، وعليه تحولت الانتخابات إلى معركة على الرأي العام الفلسطيني لتجاوز تهمة “المعطل”، وقد نجحت حماس في إلقاء الكرة في ملعب الرئيس وفتح.
- حملة بدنا نعيش : والتي حدثت في غزة وجوبهت بشكل عنيف من قبل الأجهزة الأمنية، فكانت مثار نقاش واسع في أوساط الجمهور الفلسطيني، حيث إن الجمهور لا يستوعب القمع من أي سلطة.
- التهدئة في غزة: شكّل مسار التهدئة مع الاحتلال أحد أهم البدائل المصرية والأممية، لاحتواء الانفجار وقطع الطريق على عقوبات السلطة ضد غزة وقد لجأ الاحتلال والوسطاء إلى إعادة تدوير بنود التهدئة.
- الأزمة الاقتصادية: في ضوء أزمات السلطة ومخاطر صفقة القرن حاولت حركة فتح استثمار موقفها الرافض للصفقة من خلال فتح حوار المصالحة، إلا أن دور السلطة يشهد تراجعا في ظل ترسيخ دورها الوظيفي في حماية كيانها في الضفة الغربية، على حساب المشروع الوطني والتصدي لموجات الضم والتهويد من قبل دولة الاحتلال، وقد تحركت السلطة لاستعادة الاستقرار المالي ومن ثم الاستقرار الأمني باستئناف تلقي أموال المقاصة في ظل غياب الدعم الدولي والتجاهل العربي.
- مبادرات المصالحة: شكلت مبادرة الفصائل الفلسطينية الثمانية خطوة مهمة في تعزيز الشراكة الوطنية، فقد أضافت لبيئة العمل المشترك بين المكونات الوطنية مساحة جديدة تتمثل في وحدة المواقف السياسية والعمل المشترك في الهيئة الوطنية العليا وغرفة العمليات المشتركة. وقد تزامن معها أيضا مبادرة الأب منويل مسلم: والتي دعت إلى بناء وترميم م. ت. ف من خلال انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في كافة أمكان التواجد الفلسطيني والتي لاحقت ترحيبا شعبيا.
أبرز العوامل المؤثرة في مشهد 2020
تتحكم عدة متغيرات في مستقبل المشهد الفلسطيني عموما والتهدئة في قطاع غزة على وجه الخصوص خلال2020، الأمر الذي قد ينعكس على توجهات القضية الفلسطينية في المنظور القريب، وتتلخص هذه المتغيرات الخمس في:
- تطورات المشهد الإقليمي في ظل استعراض القوة بين إيران والولايات المتحدة عقب اغتيال قاسم سليماني، والتي ستساهم في التأثير على قرارات حكومة الاحتلال.
- المتغير المتربط بالرؤية الأمريكية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد فشل تمرير صفقة القرن.
- يفرض الإقليم المتفجر تحديات على المشهد الفلسطيني وتقييم مخاطر المواجهة مع الاحتلال، ويضع الفلسطينين في مواقف صعبة في إطار صراع المحاور، ومحاولة الحلفاء استدراج المواقف لدعم توجهاتهم السياسية والعسكرية في المنطقة.
- التطورات السياسية في الكيان الصهيوني وما يمكن أن يترتب عليها من إجراءات استعمارية جديدة وبالذات في الضفة الغربية.
- جدية الاحتلال في تطبيق استحقاقات تفاهمات التهدئة.
- علاقة القاهرة مع حماس التي تتراوح بين الفتور والجدية في إطار المصلحة للطرفين، إلا أن عدم التغير أو التطور في المشهد الفلسطيني قد يدفع القاهرة للعودة إلى مربع المواجهة مع حركة حماس.
- حجم الأزمات والتحديات التي تواجه السلطة والرئيس عباس يدفعهما للداخل الفلسطيني لا سيما قطاع غزة بصورة صراع سياسي وإعلامي لصرف النظر عن تلك الأزمات، وعليه يبدو أن مسار المناكفة الداخلية سيتواصل، بل ومن المرجح أن يتصاعد.