تصاعد الأحداث عقب صفقة القرن من الزاوية الإسرائيلية وخطة “تنوفا”

تقرير | الديوان
تصاعدت المظاهرات والالتحام بين جنود الاحتلال والفلسطينيين بعد الإعلان عن صفقة القرن في معظم مناطق الضفة الغربية. حيث اعتبر الاحتلال التصعيد الميداني تصعيداً دفعت إليه السلطة الفلسطينية، معتبرة مقتل شرطي من الشرطة الخاصة الفلسطينية في جنين برصاص جنود الاحتلال تورطا للشرطة في الأحداث، الأمر الذي يشكل حسب إدعائهم منعطفًا مثيرًا للقلق.
في المقابل، وعلى الرغم من تهديدات الرئيس عباس بقطع العلاقات مع دولة الاحتلال ووقف التنسيق الأمني، إلا أنه حسب المصادر الإسرائيلية غير راغب في تغيير قواعد هذه العلاقة، وفي أروقة الاحتلال لا تؤخذ هذه التصريحات على محمل الجد، نظراً لتكرارها سابقا وعدم واقعيتها. علاوةً على ذلك، فإن مؤسسات السلطة الفلسطينية قد اتخذت بالفعل قرارات بإلغاء التعاون الأمني والاقتصادي مع الاحتلال، ولم يتم تنفيذها.
في دولة الاحتلال، يعتقدون أن الرئيس عباس لا يستطيع التخلص من المفاتيح وقطع العلاقات لأن لديه مصلحة عليا في إبقاء السلطة الفلسطينية على قيد الحياة.
لكن يبدو أن الاحتلال يحاول من وراء الضخ الإعلامي المتعلق بتورط السلطة فيما سماه بالتحريض على الخروج للشوارع ومعارضة الصفقة، بمثابة دفع باتجاه إحراج السلطة أمام العالم، لتعمل على وقف أي تصعيد قد يقود إلى التحام مباشر مع جنود الاحتلال في نقاط الاحتكاك أو تطور الأمور إلى عمل منظم وعسكري كما حدث عام 2002، وهو أمر لا تريده المؤسسة العسكرية الإسرائيلية كون أي تصعيد في الضفة سيؤدي إلى حرف الأنظار عن غزة والشمال.
يبدو أن المشهد الإسرائيلي يتجه في الأيام القادمة لفتح قناة تفاوض سرية مع السلطة الفلسطينية والتواصل مع قادة الأجهزة الأمنية لضمان احتواء الموضوع، إضافة إلى إحراج السلطة لاتخاذ إجراءات تخدم عملية تبريد الوضع في الضفة الغربية.
في إطار آخر تنظر المنظومة الأمنية إلى “الفجر العظيم” بخطورة بالغه كونه أداة تستخدمها الحركات الإسلامية الفلسطينية كمحرك ديني لتحريك الشارع، لذلك تحاول عبر وسائل عديدة وخاصة في القدس لإنهاء هذا الحراك الذي يتصاعد في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.
خطة كوخافي “تنوفا”
عرض رئيس أركان دولة الاحتلال خطته متعددة السنوات، والتي جاءت في ظل وضع إقليمي يخدم إسرائيل، وكذلك بعد نفاد صبره من المنظومة السياسية التي لا تريد أن تنهي أزمتها، حيث أخذ تفويضاً من رئيس الكيان لعرض خطته التي لم تقر في الكابينيت ولا حتى في الحكومة، ولم ترصد لها الميزانية التي تعاني من عجز بلغت قيمته 52 مليار شيكل.
التصور الذي تتضمنه الخطة بأن “إسرائيل” لا يمكن أن تستمر في المعاناة من الحروب الطويلة، وبدلاً من ذلك يجب أن يتم الحسم بسرعة وبأقل قدر ممكن من الخسائر. ويرى رئيس الأركان أنه طالما بقيت سوريا وإيران منشغلتان بمشاكلهما، فإنه من الضروري إجراء التغيير الآن -ليس فقط في التصور-ولكن في هيكل الجيش الإسرائيلي أيضًا.
أهم ما يميز خطة “تنوفا” متعددة السنوات هو تعزيز قدرات الجيش المميتة ودقتها والتسلح الدقيق بالتكنولوجيا والقدرة على جمع قدر هائل من الأهداف.
تستهدف خطة كوخافي حزب الله في لبنان “نخبة الرضوان”، وحماس “النخبة” والجهاد الإسلامي في قطاع غزة. ولتحقيق هذه الخطة يعتقد كوخافي بأنه لا يمكن لإسرائيل تحمل معارك طويلة أو حروب مثل حرب لبنان الثانية، التي استمرت أكثر من 30 يومًا، وعملية “الجرف الصامد” التي استمرت 51 يومًا. بدلاً من ذلك، يجب أن يتم حسم المعركة القادمة بسرعة وبثمن معقول.
من وجهة نظر كوخافي، فإن التغيير في الجيش الإسرائيلي ضروري الآن، حيث تسمح الظروف الإقليمية بذلك، فلاتزال سوريا منشغلة باستعادة ذاتها، فيما تواجه إيران وحزب الله صعوبات اقتصادية كبيرة، ولازالت تدرس خطواتهما بعد القضاء على قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
وحسب تنوفا، يجب ضرب مراكز الثقل الخاصة بالمقاومة بسرعة، وحرمانها من قدرتها على التعافي أثناء القتال وقتل الرغبة لديهم في مواصلة القتال، وفي هذا الإطار قرر رئيس الأركان أن المعلومات الاستخباراتية التي لطالما بقيت عالقة في مواسير شعبة أمان يجب إنزالها إلى كل القادة حتى آخر قائد فصيل.
يبدو أن الخطة لا تتضمن خطة دفاعية عن الجبهة الداخلية، كما أنها لم تراع ما قد يفاجئها به عدوها، لأنها مؤمنة بأنها تملك كما استخباراتي دقيقا جداً قادر على هزيمة العدو.