جائحة كورونا.. إدارة أزمة وطنية أم فرصة استعراضية وإقصائية؟

الديوان | هيئة التحرير
جائحة كورنا التي عصفت بمختلف دول العالم كبلاء مرضي قضى على عشرات الآلاف وأصاب الملايين، كانت لها تداعيات مختلفة على صعيد التعاطي الفلسطيني والسلوك الرسمي تجاه الأزمة، ففي الوقت الذي أحكمت السلطة ضبط مسار الحركة والتنقل، وحصر المصابين، ونصب الحواجز، وحجر العمال الذين شكلو مصدرا رئيسا للعدوى، تزامن ذلك مع إغفال لجوانب وطنية مهمة ومحورية، بل إن بعض السلوكيات امتدت لتحويل الأزمة الإنسانية إلى مظهر استقطابي وإقصاء وطني مخل.
لماذا شكلت لجان طوارىء “حزبية” لمواجهة الأزمة؟ ولماذا لم تشكل كورونا فرصة لعمل وطني مشترك؟ لماذا قدمت المصالح الحزبية على المصلحة العامة؟
يظهر من سلوك الحكومة الفلسطينية عدم الارتقاء لمستوى الأزمة والتعامل معها برؤية محدودة ضيقة، بدل وضعها في إطار الأزمة العامة التي يجدر حشد كل مكونات وطاقات الشعب الفلسطيني للتعامل معها، وجعلها فرصة للخروج من حالة الجمود التي تغلب على العلاقات الفصائلية، حيث كانت الأزمات سابقا تشكل مدخلا وطنيا جامعا، إلا أن اعتبارات الحكومة الفصائلية والحزبية الضيقة جاءت هذه المرة على حساب العمل الوطني والرؤية الوطنية العامة. ومن أبرز ملامحها وتداعياتها:
- أن هذه الرؤية الحزبية التي انتهجتها السلطة حالت دون العمل على مستوى المناطق التي تخضع للسلطة الفلسطينية وهي الضفة وغزة، حيث تركزت الإجراءات الحكومية على الضفة دون غزة، فأدت إلى وضوح مشهد التمييز غير الموضوعي وغير المبرر بين الضفة وغزة في الإجراءات، ما يعزز مشهد الإنقسام الذي وجب أن تذيب جليده هذه المأساة الإنسانية، فاتجهت غزة للتعامل مع الموضوع وحيدة من خلال بناء غرف خاصة بالحجر وعزل القادمين إليها وفق إمكانياتها.
- كما أن غياب الرؤية الوطنية الجامعة والتحرك الوطني المشترك أدى إلى تعزيز فكرة حصر القضية الفلسطينة في الداخل بل في الضفة الغربية، مع تغييب الشتات الفلسطيني عن خارطة اهتمام ومسؤلية السلطة، وكأن اللاجئين خارج حسابات القيادة الفلسطينية، فلم تعد قضيتهم محل الاهتمام والمسؤلية الرسمية، ما ينذر بتحول خطير على صعيد هذه القضية، فلا إحصائيات ولا مؤتمرات ولا منشورات تتحدث عن ظروف الجاليات الفلسطينية في ظل هذه الجائحة.
- المشهد الفلسطيني في الضفة الغربية يغلب عليه حالة الاستفراد في العمل من قبل تنظيم حركة فتح، مع عدم إشراكه لأي من المكونات الفلسطينية الأخرى؛ سواء من فصائل العمل الوطني أو حتى منظمات المجتمع المدني، ما يعطي قراءة أن هناك استثمارا للمأساة الفلسطينية لتحقيق مصالح حزبية، دفعت لشراكة في الإعلان وتنفيذ الإجراءات الميدانية بين الحكومة والتنظيم، ليبدو مشهدا استفراديا يستثمر الأزمة لمصالح ضيقة.
- سجلت حالات اعتقال سياسية في ظل الجائحة لمواطنين على خلفية توزيع مساعدات غذائية.
- محاولة الاستعراض في بعض الإجراءات البسيطة كالحواجز التي نصبت لفصل المناطق وحراك المسؤليين وزيارتهم لها، وتضخيم هذه التحركات إعلاميا، ما تعكس حالة من الدعاية والتوجه الاستعراضي.
يتطلع الشعب الفلسطيني في ظل الأزمة إلى الحد الأدني من المسؤلية الوطنية، وهذه المسؤلية الوطنية تقتضي أن يتم العمل بشكل مشترك بين مكونات الشعب وفي حالة من المسؤلية وليست الاستعراضية، ليشعر بحجم المسؤلية في التعامل وليس ضيق الأفق وقصور الرؤية.