الحالة اللبنانية وارتداداتها على الفلسطينيين في لبنان

خاص الديوان
مقدمة
تشهد لبنان منذ عدة أشهر أزمات سياسية واقتصادية خطيرة، لم تفلح كل محاولات محاصرتها وتشكيل حكومة جديدة في تفاقم هذه الأزمات وانحدارها إلى التأثير على مجمل الوضع الاقتصادي الصعب أصلا، وفيما يبدو أفق الحلول للأزمات المتنوعة على المستوى اللبناني ما يزال مقفلاً، فالمعطيات الظاهرة تؤكّد بأنّ عمر الأزمة المالية والاقتصادية طويل، مع وضع سياسي مبعثر بات أشبه بالرّماد الذي تعصف فيه الرياح. فيما الخيارات قد ضاقت أمام الحكومة اللبنانية، التي اقتصر ما قامت به على معالجات داخلية محدودة في الشؤون الحياتية والمعيشية، مقابل عجز كامل في مواجهة الأزمة الاقتصادية والنقدية، وفي ظل هذه الأزمات تنعكس كثير من آثارها الفلسطينين الذين يعيشون في لبنان.
واقع الأزمات
يمكن توصيف الواقع اللبناني من خلال الآتي:
- إنّ الوضع اللبناني مرشّح أن يشهد المزيد من الضغط الأميركي عليه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، إن على المستوى الاقتصادي والمالي والسياسي، أو فيما يتعلق بسلاح حزب الله، يترافق مع كلام صريح حول أنّ هذا السلاح هو السبب في جر الدولة اللبنانية والشعب اللبناني بكامله، إلى صراع إقليمي ودولي يفوق طاقته، استجلب معه هذا الضغط على لبنان، بحيث بات اللبنانيون يدفعون ثمن هذه الخيارات غالياً! وقد بدأت بوادر هذه المنطق تظهر بشكل واضح من أيام قليلة، ومرشّح أن تزيد وتيرتها خلال الفترة القادمة. كما أنتج هذا الضغط تصريحاتٍ من عدد من المسؤولين اللبنانيين حول الطائف، والصيغة والنظام، شحنت الشارع وزادت من التعبئة الطائفية في لبنان. وسيترافق ذلك مع ازدياد التحركات الاحتجاجية في الشارع، يمكن أن تتطور إلى توتّرات أمنية متنقلة بين المناطق.
- هناك مجموعة من السياسيين من داخل الطائفة السنية (سعد الحريري، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة … إلخ) ومغطّاة من دار الفتوى بشخص المفتي عبد اللطيف دريان، تعمل على محاصرة الرئيس حسّان دياب، وإظهاره على أنّه متراخٍ في صلاحيات رئيس الحكومة اللبناني السنّي، علماً أنّ هؤلاء -بحسب مصادر سياسية مطّلعة- يتحرّكون انطلاقاً من مصالحهم الشخصية، تمهيداً لمرحلة مقبلة يعتقدون فيها أنّ المتغيّرات الإقليمية قد تنعكس لصالح أحدهم.
- فيما يعني المعابر غير الشرعية، وعمليات التهريب البرية مع سوريا، ففي الوقت الذي يعتبر كثير من اللبنانيين أنّ ضبط هذه الثغرات حاجة اقتصادية ماسّة لوقف إضعاف مالية الدولة التي تُستنزف لدعم مواد حيوية، مثل الطحين والمازوت وغيرهما، قبل أن ينتهي جزء من هذه المواد في الأسواق السورية، على يد مافيات تهريب ناشطة بين البلدين. وفي حين أنّ هؤلاء اللبنانيين يطالبون بسحب أي غطاء عن عمليات التهريب هذه، وبإيجاد الحلول اللازمة لمكافحتها، في ظل الصعوبات اللوجستية والعملانية المختلفة، فإنّ “حزب الله” وحلفاءَه يعتبرون أنّ الإدارة الأميركية تدفع الملف إلى غايات سياسية وأمنية، تتمثّل في تضييق الحصار على “حزب الله”، عبر سد ثغرات يستفيد منها للتحرّك بحرية بين لبنان وسوريا، وعبر محاولة منع وصول الإمدادات من إيران إليه عبر الجسر السوري. ومعلوم أنّ الإدارة الأميركية حاولت منذ سنوات عدة فرض نشر قوات دولية، على طول الحدود البرية بين لبنان وسوريا، وهي عادت إلى تحريك هذا الملف بحسب متابعين خلف الكواليس في المرحلة الأخيرة، تحت ستار ضرورة ضبط مختلف أوجه الهدر، قبل حصول لبنان على أي مساعدات دولية من صندوق النقد الدولي. وفي المقابل، يدفع الحزب بدوره لتوظيف هذا الملف الذي يجب على لبنان معالجته لأسباب اقتصادية قبل أي شيء آخر، في الصراع السياسي الداخلي، وذلك من خلال الضغط للتطبيع مع النظام السوري، بحجج اقتصادية مثل تأمين ضبط الحدود بالتنسيق مع الجيش السوري، وتأمين تصدير البضائع اللبنانية إلى عدد من الدول العربية عبر سوريا، ليطوي في حال نجاحه بذلك، صفحة الخصومة السياسية مع سوريا، والتي تعمل أطراف سياسية مختلفة على الإبقاء عليها، طلما أنّ النظام في دمشق لم يتغير. كما أن “حزب الله” يوظف ملف ضبط الحدود في الصراع الإقليمي- الدولي الذي تخوضه إيران من خلال الترابط اللوجستي والأمني من طهران إلى بيروت، مروراً بكل من بغداد ودمشق.
- في ما خصّ المُفاوضات اللبنانيّة مع صُندوق النقد الدَولي، والتي انطلقت بخلافات لبنانية ضمن الفريق اللبناني المفاوض، وبدلاً من أن تكون الأمور مَحصورة في الشؤون الاقتصادية والماليّة فقط، لإيجاد أفضل السُبل لمنع انهيار لبنان، فإنّ بوادر تحوير هذا الملف وأخذه إلى الإشتباك السياسي بدأت تُطلّ برأسها. وفي هذا السياق، تُوجد أحاديث مُتزايدة لسياسيين لبنانيين عن أنّ هذه المُفاوضات التي يُفترض أن تستمرّ لأشهر طويلة، ستحمل مطالب إقتصاديّة-ماليّة بالشكل، وسياسيّة-أمنيّة بالمَضمون، بدفع من بعض الدول الغربيّة التي تقف خلف الصُندوق. ومن هذه المطالب -الشروط المُرتقبة-، والتي قد يتمّ ربط حُصول لبنان على المُساعدات، بتنفيذه لها: ضرورة بسط سيادة الدَولة اللبنانيّة على مُختلف المعابر البريّة والبحريّة والجويّة، وضرورة فرض المُراقبة الجمركيّة الدقيقة. وهذه المطالب هي بظاهرها مطالب مَشروعة ومُحقّة، لكنّها تحمل في طيّاتها مشاريع خلاف مع “حزب الله” الذي يعتبر أنّ أيّ إجراءات من هذا النوع، يُمثّل مُحاولة لمنعه من الحُصول على الدعم الخارجي اللوجستي الضروري للحفاظ على قُدراته القتاليّة بوجه العدو الصهيوني كما أشرنا.
- في ما يعني ملفّ التجديد الدَوري لقوّات الأمم المُتحدة العاملة في الجنوب، والذي يُفترض أن يتمّ في آب المُقبل، فإنّ الضغوط الدَوليّة تجدّدت مرّة أخرى، بهدف السماح بتعديل مهمّات القوّات الدَوليّة، ورفع الشروط التي تحدّ من تحرّكها على الأرض، والتي تمنعها من القيام بعمليّات تفتيش للعديد من المنازل، بشكل يجعلها عاجزة عن تنفيذ مضمون القرار 1701. وتضغط الإدارة الأميركيّة على لبنان في هذا الملف، بالتزامن مع التلويح بسحب هذه القوّات، أو على الأقلّ بتخفيض عديدها بشكل كبير، على أمل الحُصول على تنازلات لبنانيّة تُمكّنها من التضييق على العمل العسكري لمُقاتلي “الحزب” قرب الحُدود الجنوبيّة. في المُقابل، يجهد “حزب الله” لمنع أيّ تعديل في طبيعة مهمّات القوّات الدَوليّة، مؤكّدًا أنّها حاجة للعدو الصهيوني وليست حاجة للبنان، حيث أنّها لم توفّر الحماية للبنانيّين من آلاف الخروقات اليوميّة، برًا وبحرًا وجوًا منذ العام 2006 حتى اليوم، الأمر الذي يَستوجب رفض لبنان الخُضوع لأيّ نوع من الإبتزاز في هذا الصدد. لكنّ واشنطن مُصمّمة هذه المرّة على زيادة وتيرة الضُغوط، حيث عادت قنوات دبلوماسيّة مُختلفة للتذكير بضرورة تطبيق القرارات الدَوليّة كافة، وبضرورة تقيّد لبنان بإلتزاماته السابقة، ومنها “إعلان بعبدا”، وحتى بضرورة العمل على سحب سلاح “حزب الله” (تطبيق القرار 1559)، مُلوّحة بأنّ هذا الملفّ قد يؤثّر سلبًا على حُصول لبنان على أيّ مُساعدات ماليّة في المُستقبل.
- وفي الحديث عن الحرب في لبنان أو في المنطقة، فإنّ هذا الموضوع يخضع لاعتبارات ومعطيات متوازنة. ويتداول سياسيون مطلعون أنّ الاميركي يخطط لضربة لإيران، وأنّه يريد تحييد حزب الله في هذه المواجهة عبر الضغط المالي والاقتصادي عليه في لبنان، ولكن في نفس الوقت، فإنّ المعطيات لدى هؤلاء السياسيين تشير ايضًا إلى انّ الادارة الاميركية لم تستطع حسم خيارات الحرب، كون المؤسسة الحاكمة في هذه القرارات ما تزال تبحث في النتائج وفي مآلات هذه النتائج، التي قد لا تكون في الحسابات لصالح الرؤية والمصالح الاميركية، وبالتالي فقد تؤدي الى خسارة الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، بدلاً من تحقيق انجاز معنوي لصالح انتخاباته الرئاسية. وكذلك في الحسابات الاميركية – بحسب السياسيين المذكورين- فإنّ اغتيال الحاج “قاسم سليماني” مهما كان كبيرًا، فإنّه لايرقى الى مستوى توجيه ضربة مباشرة الى ايران كدولة، وبالتالي فإنّ ردة الفعل الايرانية ستكون بالضرورة اكبر من الرد على اغتيال “سليماني”. مما يعني أنّنا امام مسارين: حرب غير محسومة النتائج، أو مواصلة الحرب الاقتصادية على إيران والمحور (هو الارجح) قبل الوصول الى تسويات إقليمية في ملفات عدة. وهنا لا نغفل العامل الصهيوني ومدى قدرته على اتخاذ خطوة الحرب منفردًا، وهذا يبدو مستبعداً دون الضوء الاخضر الاميركي.
- الأطراف اللبنانية ومواقفها في الأزمة:
- تيار المستقبل والحريرية السياسية:
لاحظ المراقبون أنّ الحريرية السياسية قد تعرضت لحرج كبير داخل الساحة اللبنانية والسنية، خصوصاً بعد إعلان “بهاء الحريري” شقيق “سعد الحريري” بدء العمل السياسي في لبنان، عبر فتح مكاتب في مختلف المناطق اللبنانية (المناطق السنية)، وانحيازه لحراك 17 تشرين تحت شعار مواجهة دولة الفساد والمحسوبية والمحاصصة. إضافة إلى الصراع القائم بين “سعد الحريري” وأقطاب الشارع السني مثل “نجيب ميقاتي” و “فؤاد السنيورة” “ونهاد المشنوق” وغيرهم، الأمر الذي انعكس ضعفاً داخل تيّار المستقبل، بحيث يسعى كل طرف فيه إلى كسب التيّار وبالتالي الشارع السنّي، كما جعل الطائفة السنيّة بدون وزن سياسي خلال هذه الفترة.
- الحزب التقدمي الإشتراكي:
يمكن اعتبار موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي “وليد جنبلاط” في وضع المترقّب، مع مسعاه الدائم في الحفاظ على المكاسب الدرزية الخاصة به في تركيبة الدولة اللبنانية، وهذا الترقّب “الجنبلاطي” يمكن اعتباره لنتيجة الخبرة في التعاطي مع الملفات في لحظة الاشتباك الاقليمي والدولي في لبنان. وهو يعتبر أنّ الترقّب وعدم الذهاب الى المواقف التصعيدية يؤمّن له خطوط الرجعة مع الخصوم كما الحلفاء.
- حزب القوّات اللبنانية:
إنّ قائد القوات اللبنانية “سمير جعجع” يعمل على خطين، الأوّل عبر التصعيد السياسي الدبلوماسي بوجه سلاح “حزب الله” ومطالبته المتكررة بحصره وتسليمه الى الجيش اللبناني، والمطالبة بحصرية قرار السلم والحرب بيد الدولة اللبنانية. بينما الخط الثاني يتعلق بمواجهة حالة “التيار الوطني الحر” بقيادة “جبران باسيل” داخل الساحة المسيحية، وهي الاهم بالنسبة لـ “القوات اللبنانية”، ويتجلّى ذلك في رفض اي خطوة يطرحها جبران باسيل في ملفات عديدة منها الكهرباء على سبيل المثال لا الحصر، واتّهامه لـ “التيار الحر” بالهدر المالي في هذا الملف.
- حركة أمل:
يسعى الرئيس “نبيه بري” في هذا الوقت الى تحقيق انجاز في دفع تطبيق شيئاً من بنود الطائف غير المطبّقة على الاقل، والمرجّح ان يكون اللامركزية الادارية وقانون انتخاب جديدة مع انشاء مجلس شيوخ. والواقع أنّ “بري” هو محل استقطاب في حركة الاتصالات اللبنانية والاقليمية في أكثر من ملف داخلي واقليمي، وقد نشهد تطورات على صعيد علاقته الشخصية مع سوريا (التي ساءت منذ فترة وتدخّل حزب الله لترميمها) في اطار التأكيد على تموضعه كأحد رموز محور المقاومة، مع الحفاظ بالطبع على علاقاته الاقليمية والدولية، عبر مساعيه في ملفات عديدة في الاقليم العربي (العراق، سوريا، العلاقات الفلسطينية- الفلسطينية)، وتنسيقه مع حزب الله في اكثر من ملف من هذه الملفات. مع الاشارة الى أنّه يعتبر نفسه مستهدفاً من بعض اقطاب الحراك لأسباب سياسية تتعلف بموقفه من سلاح المقاومة، أو بسبب دعمه لحركات المقاومة في المنطقة.
- التيار الوطني الحر:
تشير أوساط بارزة في 8 آذار أنّ التطورات السياسية الأخيرة بدءاً من الحملة التي شنّها “التيار الوطني الحر” ونوابه ووزراؤه في الحكومة على “حزب الله” وسلحه، وصولاً إلى التباين في ملف العفو، وليس انتهاء بكسر رئيس الحكومة حسّان دياب وقرار الوزراء بالإجماع على استبعاد معمل سلعاتا من خريطة المعامل الكهربائية، وتّرت العلاقة بين رئيس”التيار الحر” النائب “جبران باسيل” و”حزب الله” وأحزاب 8 آذار، رغم وجود تحالف متين وسياسي وثوابت استراتيجية. وتؤكد المعطيات السياسية بأنّ خلفية كل ذلك أنّ “باسيل” لم يعد يرى أمامه إلا الهم الرئاسي وأنّ ما يهمّه هو تحقيق مصلحته غير آبه بمدى الضرر الذي يمكن أن يسبّبه ذلك للحلفاء والأصدقاء، ومن أجل ذلك فهو يسعى بحسب نفس المعطيات السياسية يسعى لتقديم اوراق اعتماده إلى الأميركان لينال رضاهم بخصوص الملف الرئاسي. وتستغرب معظم الأطراف السياسية في البلد هذا الاستعجال من “باسيل” في الملف الرئاسي، وما يسببه من معارك جانبية وعلى “الطالع والنازل” مع الأصدقاء قبل الخصوم، من دون إدراكه أنّ كل معركة يفتعلها أو يسبّبها “باسيل” تبعده خطوة إلى الوراء عن تحقيق هذه الرغبة. وتؤكد المعطيات السياسية أنّ التوتر المتقطع في العلاقة بين الحلفاء لـ “حزب الله” وأحزاب 8 آذار و”باسيل” سيمتد لفترات طويلة وحتى وضوح ملف الاستحقاق الرئاسي، رغم أنّ هذا الفريق لا يقارب حالياً الملف لا من قريب ولا من بعيد.
يتضح أن مشاكل لبنان باقية في المدى المَنظور، وما قد يتمّ التوصّل إليه من حلول أو تسويات على مُستوى هذه الملفّات العالقة منذ سنوات طويلة، سيكون وفق الأسلوب اللبناني الشهير، أي من خلال تدوير الزوايا، واللعب على كلام العبارات في القرارات، ومن خلال إعتماد تسويات ظرفيّة، وأسلوب الترقيع -إذا جاز التعبير- وذلك لكسب المزيد من الوقت، بانتظار نتيجة التدافع الدولي والإقليمي الذي يضغط على لبنان كثيراً، ويتمنّى كل فريق أن تكون نتائجه لصالحه.
الوضع الفلسطيني في لبنان
أ )العمل المشترك:
يبدو مشهد العلاقات الفلسطينية الداخلية ليس بالمستوى الجيد وسط تعطّل العلاقات بين حركتي فتح وحماس التي تدور في فلك فتور العلاقة عموما بين الحركتين فضلا عن الصراع على الشرعية ومرجعية منظمة التحرير الفلسطينية التي تتمسك بها فتح حيث تحرص على العمل فقط تحت إطار المنظمة والسفارة الفلسطينية على حساب العمل الفلسطيني المشترك، لتكريس مرجعيتها عن الشعب الفلسطيني، وتفعّل إطار المنظمة والسفارة الفلسطينية في الزيارات الرسمية والأنشطة ومتابعة قضايا شعبنا.
ب ) الوضع الأمني في المخيمات:
- في الوقت الذي تخلو المخيمات إجمالاً من التهديدات التي مصدرها المجموعات المتطرفة، وانتهت إلى حد كبير عمليات الإغتيال ذات البعد السياسي في المخيمات، استفحلت ظاهرة المخدّرات في معظم المخيمات الفلسطينية، وأصبح مروّجوها يشكّلون عصابات مسلحة، وزادت الإشكالات التي يفتعلونها والتي ذهب ضحيتها مؤخّراً عددٌ من الضحايا في أكثر من مخيم، وكان آخرها امرأة تم قتلها في اشتباك بينهم في مخيم شاتيلا، هذا عدا عن إفساد الشباب وتخريب عقولهم ونفسياتهم، وجعلهم غدد سرطانية تنخر في نسيج المجتمع الفلسطيني من جهة، وتبعدهم عن الارتباط بفلسطين وبالمثل والقيم السامية، وتهيّؤهم ليكونوا لقمة سائغة بيد الموساد الصهيوني وأعداء الأشعب والأمة والدين من جهة أخرى.
- كما تأثّرت المخيّمات الفلسطينية أمنيا وميدانياً بالصراع الفتحاوي الداخلي بين القطبين الرئيسين في قيادتها وهم السفير أشرف دبّور ومنذرحمزة، حيث انعكس هذا الصراع على شكل مواجهات ميدانية محدودة في أكثر من مخيم، ومرشح أن يتصاعد هذا الخلاف وتكون له انعكاسات ميدانية أكثر من ذلك.
ت) الأونروا:
- مع سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية لشعبنا، وخصوصاً بعد إجراءات وزارة العمل، وفي ظل الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان، وفي ظل فايروس “كورونا منذ أشهر، ازدادت المعاناة، باتت خشية من انفجار شعبي في المخيمات. وكان كما هو العادة منتظراً من الأونروا أن تبادر إلى إطلاق مشاريع إغاثية وتقديم مساعدات مادية وعينية لأهلنا في المخيمات، والقيام بواجباتها على مستوى الإجراءات الوقائية في مواجهة جائحة “كورونا”، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحصل.
- قامت الفصائل بالضغط على الأونروا لتنفيذ فعاليات احتجاجية في المخيمات وفي بيروت أمام المقر الرئيس كما حصل في موضوع تثبيت الموظفين، ومن خلال مواقف تصعيدية أخرى اتخذها تحالف القوى الفلسطينية، أثمرت نتائج معقولة يمكن الاعتماد عليها كأرضية لبناء استراتيجية جديدة في التعامل مع الأونروا، خصوصاً أن إدارة الأونروا تتحرك في لبنان بتوجيه من السفارة الفلسطينية من جهة، ومن خلال توجيهات المركز التي تصب أصلا في شطب حق العودة وقضية اللاجئين من جهة أخرى.