القضية الفلسطينية
بوصلة فلسطينية – العدد الرابع عشر –

رأي البوصلة
- تشير الأزمة الأوكرانية إلى حقيقة التحولات التي يعيشها النظام الدولي، باعتبار التدخل الروسي هذه المرة هو المؤشر الأكثر وضوحاً للاتجاه الجيوسياسي الذي تشكل خلال الست سنوات الماضية، من حيث زيادة عدد الدول والأطراف التي تتدخل في الصراعات وتشكلها لتعزيز سياساتها الخارجية وأجنداتها الاستراتيجية. وهو الأمر الذي كان في السابق حكرًا على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الغربيين في حقبة ما بعد الحرب الباردة وما بعد 11 سبتمبر.
- وكشفت الأزمة الأوكرانية محدودية قدرة الولايات المتحدة على الإيفاء بالتزاماتها بشأن حماية أمن حلفائها (أوكرانيا). وباتت دول المنطقة المحسوبة على المعسكر الغربي تنظر بتخوف للسلوك الأمريكي الذي تخلى عن حلفائه في أفغانستان وسبق أن رفع يده عن أنظمة حليفة مثل حسني مبارك، عدا عن الانسحاب العسكري الأمريكي من منطقة الشرق الأوسط. وهو الأمر الذي أثار تخوفات كبيرة لدى المؤسسة العسكرية ومؤسسات صنع القرار الإسرائيلي، التي دعت إلى العودة إلى العقيدة العسكرية الإسرائيلية، الداعية إلى أنه يجب حماية أمن “إسرائيل” بأيادٍ إسرائيلية من دون الارتهان للمساعدة الخارجية، وهو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه ولا الاعتماد عليه في ظل حاجة الاحتلال واعتماده الكلي على الولايات المتحدة والتفاهمات الإقليمية.
- مثل هذه التطورات تؤكد عجز الاحتلال الاستراتيجي، وتخوفه على مصيره وبقاءه في ظل غياب الشرعية والديناميات الاجتماعية والسياسية التي توفر له الحماية على أرض انتزعها من أصحابها بالقوة، وهو ما يحتم على أصحاب الأرض الحقيقيين الاستعداد والإعداد والعمل على زيادة عجز الاحتلال ونزع شرعيته والاستثمار في كافة أدوات القوة التي تعين على اجتثاثه وطرده.
الأسبوع المقبل
- الأسرى يرفضون ما يُسمى “بالفحص الأمني”: لا تزال سجون الاحتلال تعيش حالة من التوتر الشديد، بعد رفض الأسرى إجراء ما يُسمى “بالفحص الأمنيّ”، وهو جزء أساسي من خطواتهم النضالية المستندة إلى حالة العصيان والتّمرد على قوانين إدارة السّجن. ومن المتوقع أن تكون ذروة خطوات الأسرى النضالية يوم الثلاثاء القادم، علمًا أنه وحتّى الآن لا توجد ردود جدّية من قبل إدارة السّجون على مطالب الأسرى، وأبرزها وقف إجراءاتها الهادفة إلى سلب الأسرى منجزاتهم، ومنها ما أعلنت عنه من قيود جديدة على كيفية خروج الأسرى إلى ساحة السّجن (الفورة)، من حيث المدة وأعداد الأسرى.
كما أعلنت مؤسسات الأسرى وقوى فلسطينية في رام الله والبيرة عن يوم غضب شعبي يوم الثلاثاء القادم ( 1 آذار/ مارس) نصرة للأسرى في معركتهم داخل السجون لمواجهة الإجراءات الاحتلالية بحقهم. - جولة جديدة من لقاءات المصالحة الفلسطينية في الجزائر: يشارك عدد من الفصائل الفلسطينية الفعالة على الساحة، في لقاءات للمصالحة الفلسطينية يجري الترتيب لعقدها في العاصمة الجزائرية، في منتصف الأسبوع المقبل، بدعوة من وزارة الخارجية الجزائرية، ورعاية الرئيس عبد المجيد تبون.
- تحديد مرشح “فتح” لأمانة سر اللجنة التنفيذية: من المرتقب أن تعلن حركة فتح عن مرشحها لمنصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير خلال الأيام المقبلة، وهو الأمر الذي تحدثت به شخصيات فتحاوية للإعلام الفلسطيني، في ظل الاجتماعات المرتقبة للجنة المركزية لفتح. وينحصر الاختيار فتحاوياً بين عزام الأحمد وحسين الشيخ لكونهما الشخصان اللذان يجمعان عضوية مركزية فتح وعضوية اللجنة التنفيذية، وتشير المؤشرات إلى أن منصب أمانة سر سيكون من نصيب حسين الشيخ.
- دعوات لإحياء صلاة “الفجر العظيم”: دعت جهات فلسطينية إلى إحياء صلاة “الفجر العظيم” يوم الجمعة المقبل في جميع مساجد فلسطين، وخصوصا في المسجد الأقصى المبارك. وتشهد مدن وبلدات الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، شد رحال الفلسطينيين إلى باحات الأقصى، ضمن حملات تنطلق تحت “نداء الفجر العظيم”. كما دعا خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عكرمة صبري، الفلسطينيين إلى شد الرحال للمسجد الأقصى المبارك والرباط فيه، يوم الإثنين المُقبل، بمناسبة حلول ذكرى الإسراء والمعراج.
اتجاهات فلسطينية
- قضية “نزار بنات” تسبب قلقاً للسلطة: أثارت محاولات منسوبة للسلطة الفلسطينية لتأجيل برنامج ما خفي أعظم، الكثير من الضجيج الفلسطيني الداخلي، حيث انتشرت هذه القضية بشكل واسع في فضاء السوشال ميديا، واعتبر الجمهور الفلسطيني أنّ هذه المحاولات تؤكد ورطة السلطة الكبيرة في هذا الملف، ومحاولتها تغييبه بكل الطرق والوسائل.
وعلى الرغم من جهود السلطة لتخويف الشارع الفلسطيني عبر القمع والاغتيال، إلا أن الحالة العامة من الرفض المتصاعد في الضفة الغربية تؤكد انكسار حاجز الخوف لدى الشارع، الأمر الذي ترى فيه السلطة خطورة كبيرة خاصة مع استمرار ملف نزار مفتوحا وفي ظل محاولاتها اغلاقه من خلال عرض ملايين الدولارات على عائلته. - منظمة التحرير دائرة من دوائر السلطة الفلسطينية: أثارت المادة الأولى من مواد قرار بقانون لسنة 2022، نقاشا حادا بين الكثير من المثقفين الفلسطينيين وبخاصة القانونيين، لأنه وصف منظمة التحرير الفلسطينية بأنها دائرة من دوائر الدولة الفلسطينية. وابدى الكثير انتقاده لهذه المادة المقترحة، بل ابدى بعضهم سخطه عليها وتوجهاتها السياسية، وانهالت التعليقات في انتقاد المادة المقترحة وبيان خطورتها. لكن الكثيرين من المغردين من النشطاء الفلسطينيين رأوا بأنّ هذا القرار يضع النقاط على الحروف، فعمليا المنظمة باتت جزء من السلطة وتأتمر بأمرها وتسلك المسار الذي ترتئيه، وتقتات على بعض المخصصات منها. في حين تحدث مستشار عباس القانوني أن نص القانون جرى سحبه ليخضع للتعديلات اللازمة.
- الشيخ جراح والسلوك الإسرائيلي: تجميد اخلاء عائلة سالم من الشيخ جراح أثار الكثير من ردود الفعل حيث اعتبرت المقدسية فاطمة سالم أن القضية لم تنته ولن نرضى بأنصاف الحلول وستبقى في ترقب وحذر حتى يصدر قرار بالإلغاء النهائي لإخلاء العائلة. وشهدت الأيام الأخيرة استفزازات كبيرة من المتطرفين بقيادة بن غفير للفلسطينيين في الحي وسط اشتباك بالأيادي لأيام متواصلة قبل ان تُخلي الشرطة بن غفير وحاشيته. ويرى الشارع الفلسطيني أنّ خوف “إسرائيل” من عودة حرب سيف القدس هو المحرك الفعلي لمثل هكذا قرارات، خاصة في ظل اتهامات قيادات صهيونية لبن غفير بأنّه يريد حربا لأهداف سياسية، لتؤكد هذه القرارات وهذا الخوف الإسرائيلي بأنّ المقاومة الفلسطينية كما يراها الشارع الفلسطيني حجر أساس في ردع الاحتلال.
- تهميش مستمر للفصائل الفلسطينية في الضفة: عُقد قبل أيام في رام الله اجتماعاً لما سمي “القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية”، بتوجيهات من قيادة السلطة، بهدف تهميش الفصائل الفلسطينية الفاعلة في الضفة الغربية المحتلة، ومنع أي فعاليات لها بذريعة أنها خارج إطار “القيادة الموحّدة”. وتأتي هذه الخطوات ضمن مسلسل التضييق الذي تقوم به السلطة ضد الفعاليات الشعبية والمناهضة لسياسات الاحتلال.
في العمق
- أجهزة أمن الاحتلال تراقب عن كثب جهود قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لوقف حالة “الفوضى المستعرة” في مدينة الخليل المضطربة، وأصبحت ساحة قتال في الأسابيع الأخيرة، من خلال تكثيف عمل كبار ضباط الأمن وهم: زياد هب الريح وزير الداخلية الجديد، وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة، وزكريا صلاح من جهاز الاستخبارات العسكرية.
- وتشير التقارير التي تتلقاها أجهزة أمن الاحتلال من الميدان بأن مدينة الخليل ما زالت تتغلب على السلطة الفلسطينية في طابعها القبلي والعشائري، فسكانها ينتمون لعشائر كبيرة، صحيح أن هناك مدنا أخرى في الضفة الغربية تشهد صراعات عشائرية، لكنها في الخليل أكثر ترسخًا وأقوى، وليس من السهل إيجاد حلول لها، ما يجعل القصة أكثر تعقيدًا، لأن التحقيقات الأمنية الإسرائيلية مع المعتقلين الفلسطينيين تكشف أن نفس العشيرة فيها عائلات تنتمي إلى فتح، وأخرى موالية لحماس، وثالثة لحزب التحرير، وهناك من يعملون لحسابهم الخاص وموالون لأنفسهم.
- تتحدث المحافل الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية عن أن تزامن هذه التوترات الداخلية في الضفة الغربية مع زيادة الحديث عن خلافة محمود عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية يزيد العبء الأمني على دولة الاحتلال، خاصة أن النيران تشتعل في أكثر من موقع فلسطيني في وضح النهار، وفي وقت متزامن، وانتشرت مقاطع فيديو توثقها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعل من تبادل إطلاق النار داخل المجمعات التجارية تصعيدًا خطيرًا في معارك الشوارع الدائرة.
- ذات التقديرات الإسرائيلية تزعم أن السلطة الفلسطينية تخاف ظاهريا من العشائر، ولذلك ربما امتنعت حتى الآن عن مواجهتها، ربما لأن العديد ممن يخدمون في قوات أمن السلطة ينتمون أيضاً بالتوازي لهذه العائلات المتناحرة، بعضهم موال لعباس، وآخرون لجبريل الرجوب وشخصيات أخرى، وهذا يجعل من الصعب على السلطة الفلسطينية القضاء على هذه المظاهر، ولا يوجد أمامها عنوان واحد واضح للعمل ضده.
- يشار إلى أن هناك قناعة إسرائيلية مفادها أن قدرة أبي مازن على القضاء على الفوضى في الخليل محدودة، لأن أهلها يعتبرونه ضعيفا، ولا سيطرة له على ما يحدث، ما يطرح التساؤل الإسرائيلي حول إمكانية أن تلعب الخليل دور الدومينو، بحيث تنتقل أحداثها الأمنية إلى وسط الضفة الغربية وشمالها، رغم أن السلطة الفلسطينية لا تستبعد هذا السيناريو، لكنّ قدرة أبي مازن ستكون أكثر صعوبة، وبشكل مضاعف.
مؤشرات وقضايا ينبغي متابعتها
- تصعيد إسرائيلي يعتبر احتجاجات فلسطينيي الداخل “عداء للدولة”: استمر سيل التحريض على الداخل الفلسطيني أخيرا عندما ادعت وزيرة الداخلية في سياق ترويجها لقانون منع لم شمل الفلسطينيين أن رئيس الشاباك رونين بار أبلغها رسميا بأن 40% من الشبان الفلسطينيين الذين شاركوا في الاحتجاجات التي اندلعت خلال الشهر الماضي في النقب هم من أمهات فلسطينيات، وأن هذا النوع من الزيجات يشكل تحايلا فلسطينيا لتكريس تنفيذ حق العودة الفلسطيني.
وانضمت النيابة العامة الإسرائيلية، خلال مداولات تمديد اعتقال وفرض العقوبة على أحد معتقلي “هبة الكرمة”، وهو الشاب محمد أسود، من مدينة عكا، إلى سياسة التحريض الجديدة عندما طالبت المحكمة بتحديد سقف عقوبات عال وعدم اعتبار الأحداث المذكورة احتجاجات مدنية بل وصفت النشطاء والمعتقلين بعبارة “أعداء من الداخل”، ما يوجب عمليا تحديد وفرض عقوبات شديدة وعدم الاكتفاء بأحكام “خفيفة” كالسجن الفعلي لمدة عام.
وأعلن ممثل النيابة العامة في جلسة المحكمة المركزية، شلومي أبرمزون، وهو مسؤول ما يسمى بقسم “المخالفات الأمنية” أن النيابة الإسرائيلية العامة تريد قرار حكم يشكل قرارا موجها لباقي المحاكم في إسرائيل (التي تنظر في نحو 300 ملف لمعتقلين من الداخل، على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات المذكورة)، لتشديد العقوبات التي ستفرضها عليهم. - تخوف في الشارع الفلسطيني من ارتفاع أسعار السلع: لم يُخفِ تجار ومواطنون على حد سواء مخاوفهم وقلقهم من حدوث ارتفاع ملموس على أسعار بعض السلع الأساسية، خاصة المواد التموينية والأعلاف على ضوء الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت قبل أيام. وشهدت أسعار بعض السلع لاسيما الطحين الذي يوزع من الحصص الغذائية المجانية، ارتفاعاً بلغ أكثر من 10% وكذلك زيت الطهي المستورد من أوكرانيا بنسبة 20% . ورغم عدم ارتفاع الأسعار بشكل ملموس حتى اللحظة في أصناف الكثير من المواد الأخرى، الا أن العديد من التجار يتوقعون ان تشهد الأسعار ارتفاعاً خلال الأيام القادمة إذا امتدت الحرب لأيام أخرى خاصة أن العديد من التجار والموردين الإسرائيليين أبلغوا نظراءهم بإمكانية حدوث ذلك خلال أيام. وكان مصدر مسؤول عن إبلاغ مصر للجانب الفلسطيني على معبر رفح، نيتها رفع أسعار المحروقات الواردة لغزة من مصر بنسبة تتراوح بين 10 و15% ابتداءً من مطلع الشهر القادم.
نظرة على الشأن الصهيوني
- يستعد الاحتلال الإسرائيلي لاستقبال اليهود الفارين من كييف، في ظل الحديث عن احتمالية عودة 15.000 إلى 20.000 إسرائيلي ، إلى جانب 200.000 يهودي آخرين قد يرغبون في الانتقال إلى “إسرائيل” بموجب ما يسمى “قانون العودة “، وهو أمر يستدعي تأهباً واسعاً على مستوى المؤسسات المعنية بهذا الأمر.
توجهات وقرارات حيال القضايا الفلسطينية:
- أقرت حكومة الاحتلال، موازنة بقيمة 250 مليون شيكل لتعزيز التهويد وخاصة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، حيث تمت الموافقة على أطر عمل موازنة “هيئة تنمية القدس” لعام 2022.
تعمل زارة القدس والتراث لدى الاحتلال على خطة جديدة لتنفيذها وستطلق عليها اسم “لافي”، حيث ستعرض على الحكومة للمصادقة عليها في الأشهر المقبلة. - من المتوقع ان يصادق وزير الجيش بيني غانتس على صيغة “أمر عام” يسمح بتوصيل 30 بؤرة استيطانية بالبنية التحتية للكهرباء .
- شرعت سلطات العدو بأعمال حفريات في عمق ساحة البراق غربي المسجد الأقصى، يوم الأربعاء، ضمن سياسته التهويدية لمعالم مدينة القدس.
- أمرت محكمة الصلح في القدس بتأجيل إخلاء أفراد عائلة سالم من منزلهم في حي الشيخ جـراح بالقدس حتى صدور قرار جديد.
- ألغت نيابة العدو تُهم جمع الأموال عن جمعية لجان المرأة بدعوى عملها لصالح الجبهة الشعبية والتي ترأسها الفلسطينية ختام سعافين.
- وافقت حكومة بينت لبيد الأحد على اقتراح من شأنه إنهاء احتكار الحاخامية الكبرى للتحول لليهودية، وهذا القرار معد للتغلب على التفوق الديمغرافي الفلسطيني.
قضايا داخلية وإقليمية لها تأثير على القضية الفلسطينية:
- أعلن ممثلو حزب أزرق أبيض في كنيست العدو برئاسة وزير الجيش بيني جانتس مقاطعة التصويت لصالح الائتلاف الحكومي وذلك على خلفية عدم موافقة الائتلاف على قانون لجانتس يخص المتقاعدين العسكريين.
قام بيني غانتس بجولة وسلسلة اجتماعات في مقر الموساد بقيادة رئيس الموساد ديدي برنياع، ناقش فيها الطرفان الخطط العملياتية، وتوثيق التعاون داخل مؤسسة الأمن، في مواجهة التحديات. - عاد رئيس أركان الاحتلال أفيف كوخافي قادمًا من سنغافورة بعد مشاركته في المعرض الجوي السنوي حيث اختتم زيارته بلقاءات أمنية مع عدة جهات.
إطلالة معرفية
- تعرض هذه الورقة ترجمة للمداخلة التي قدّمها “دافيد بن غوريون” خلال اجتماع اللجنة الأمنيّة الصهيونية، بتاريخ 3 شباط 1948، حول طبيعة وأهداف الحرب التي تشنّها القوّات والميليشيات الصهيونيّة في أعقاب قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947. يؤسّس “بن غوريون” في مداخلته لمفهومي “الحرب” و”الدفاع” لدى المؤسسة الصهيونية، مجادلاً أنّه لن يكون بوسع مجتمع الاستيطان الصهيونيّ البقاء والحفاظ على شروط إنتاج ديمومته في فلسطين إلّا عبر الحرب الدائمة مع الفلسطينيين العرب، اعتبر فيها منطقة النقب بمثابة الامتحان القومي للحركة الصهيونية، من ناحية قدرتها على الاستيطان وفرض سيادتها.
- يعكس هذا النص السياسيّ – العسكريّ جانباً من العقلية التي ساهمت في تحديد ملامح العقيدة الصهيونيّة الأمنيّة، والتي ترتّب عليها تحديد استراتيجيّة المشروع الصهيوني لتحقيق أهدافه التاريخيّة؛ فرض السيادة اليهوديّة (الأوروبيّة) على الأراضي الفلسطينيّة الممتدّة من قضاء صفد شمالاً حتى قضاء بئر السبع والصحراء جنوباً، ومن نهر الأردن شرقاً حتّى البحر الأبيض المتوسّط غرباً، في سبيل إحلال المستوطنين اليهود والأوروبيين وطرد و/ أو إبادة الشعب العربيّ الفلسطينيّ.
- يركّز «بن غوريون» في مداخلته على الأهميّة الاستراتيجيّة للنقب، خصوصاً في تلك المرحلة التي لم يكُن المشروع الصهيونيّ قد حقّق دولته بعد، ولم يكُن معروفاً إلى أيّ مدى ستصل حدودها، مشدّداً على ضرورة فرض السيادة الصهيونية عسكريّاً على صحراء فلسطين (ديار بئر السبع أو النقب). هذا الاهتمام الذي أفرده «بن غوريون» للنقب سيظلّ حاضراً في تصريحاته اللاحقة أيضاً؛ «للنقب أهمية لا تقتصر على مستوى الاستيطان الزراعي فقط؛ بل أيضاً على المستوى السياسي والاقتصادي والاستراتيجي من الدرجة الأولى، فها هو خليج إيلات والأرض التي وراءه هي وادي عربة».
- للمزيد