أسيراتنا الحلقة الأقوى في معادلة الصراع

إننا أمام وصفة داعشيّة بامتياز، فكر ديني متطرّف أصبح له نفوذ في الشأن السياسي، ويمتلك قوّة قادرة على فعل الجريمة والاعتداء على الحرمات وإسالة الدماء وعدم الاكتراث بقواعد وقوانين وحقوق الإنسان التي تعارف عليها البشر، وهذه هي بالتحديد وصفة الفكر الداعشي الذي قامت عليه الدنيا ولك تقعد، نفس النقاط دون زيادة أو نقصان أثارت نقمة العالم واستفزّت الحسّ الإنساني للبشرية جمعاء، الآن يقوم هذا المتطرّف الأرعن ومن الدوافع الجنونية ذاتها مستخدمًا الموروث الديني اليهودي والتلمودي، الفرق واحد وبسيط هو أن داعش استخدمت الدين الإسلامي وهذا يستخدم الدين اليهودي بأساطيره القديمة المسيطرة على عقله الشاذّ.
بن غفير الآن يقود فرقًا مسلحة بالحقد والكراهية والعنصرية، لا ترى الفلسطيني إلا صرصورًا أو أفعى ولا يرى أن هناك شعبًا آخر من حقّه أن يعيش حرًّا كريمًا، لا يرى أبعد من أنفه وما تنطوي عليه نفسه الشرّيرة، يبحث عن أشدّ الأوتار الفلسطينية حساسية ويضرب عليها، منذر حرب ودمار وخراب للحرث والنّسل، ماذا يريد؟ لماذا يتقدّم للفلسطينيين بهذا الحجم الكبير من الاستفزاز؟ وهل يعتقد أن الأسيرات هن الحلقة الأضعف في المجتمع الفلسطيني.
لعلمك أيها الغفير الجاهل، ترى أنّ أسيراتنا هنّ الحلقة الأقوى، لا تتسع ذاكرتك القصيرة بالطبع ما فعلن عندما قرّروا الإفراج عن بعضهن وترك خمس أسيرات للمستقبل التفاوضي المجهول، أي إفراجات بالتقسيط الصهيوني المريع، حزمن قراراهن على أن لا يخرجن من السجن إلا إذا تم الإفراج عن الجميع دون أيّ استثناء، وصمدن على ذلك سنة كاملة حتى أذعنوا وأفرجوا عنهن كلهنّ دفعة واحدة، هذه قصة المرأة الفلسطينية التي لا تعرفها أساطيرك القديمة وخزعبلاتك المجنونة، فعلن ما عجز عنه الأسرى الرجال أيها الغرّ.
لم تكن في يوم من الأيام أسيراتنا الحلقة الأضعف بل هن الأقوى على الدوام، فالمساس بهن هو مساس بكلّ فلسطينية وفلسطيني، ومساس بكلّ من يخاف على عرضه، ومساس بالروح الفلسطينية العالية وبكل القيم التي تتناقض مع هذا النقيض الجاهل، وهو استنهاض وتفجير للروح الحاضرة والصانعة للفعل والقادرة على ردّ الصاع صاعين بإذن الله.